المرتضى في تكريم المبدعين: “لبنان تعوّد أن يجعل من الركام حافزا للقيامة”

أكد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى “أننا في موطن يكاد يضيق على أهله، وعلى كل الذين أحبوه وتمثلوه رسالة وأنموذجا للتنوع والتجذر والتحرر في طول هذا الشرق وعرضه. نزلت عليه النكبات من كل اتجاه، لكنه وطن وَلود. أرضه “أرض المبدعين” وفضاؤه متجلى القيم. تعود أن يجعل من الركام حافزا للقيامة، ومنطلقا لاستعادة الدور الذي من أجله كان وسيبقى منبرا للعلم والتفوق والحضارة”.

كلام الوزير المرتضى جاء خلال تكريمه ثلة من المبدعين في حفل نظمته مؤسسة “ارض المبدعين ” برعاية وزارة الثقافة في مركز لقاء في الربوة، وحضره القيّم البطريركي العام أنطوان شار، الوزير السابق محمد داوود داوود، الدكتور وسيم وهبة ممثلا وزير المال، رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية الأستاذ عماد الأشقر ممثلا وزير التربية عباس الحلبي، الأستاذ أسامة ذبيان ممثلا طائفة الموحدين الدروز، المونسنيور أنطونيو واكيم ممثلا المطران بولس عبد الساتر، رئيس رابطة كاريتاس الأب ميشال عبود، المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم وعقيلته، رئيس جامعة الحكمة الأب الدكتور طانوس الخليل، نائب رئيس نقابة الممثلين الأستاذ بيار غانم، ورؤساء بلديات، فنانون، رجال فكر وإعلام وحشد كبير من السياسيين واهل المجتمع والاعمال وممثلو وسائل الاعلام والصحافة.

المرتضى
وألقى الوزير المرتضى كلمة سأل فيها: “هل بقي من الإبداع شيء تقدمونه للناس في وطنٍ يتآكل على جميع المستويات..؟” وقال: “ثمة من يقفز إلى رأسه هذا السؤال لمجرد سماعه بأننا لا نزال هنا نكرم المبدعين، أو لأننا نطل من رابية عالية على أوسمة يحسبونها من النوافل التي يستغنى عنها في بلد بات يصنف من أوائل البلدان التي تذوي فقرا وقهرا على مستوى العالم.. أقول: هذا السؤال بعينه هو التحدي الذي يملي علينا أن نتنفس أملا كي لا نموت ألما”.

أضاف: “نعم أيها الأحبة نحن في موطن يكاد يضيق على أهله، وعلى كل الذين أحبوه وتمثّلوه رسالةً وأنموذجًا للتنوع والتجذر والتحرر في طول هذا الشرق وعرضه.
نزلت عليه النكبات من كل اتجاه، لكنه وطن ولود. أرضه “أرض المبدعين” وفضاؤه متجلى القيم. تعود أن يجعل من الركام حافزا للقيامة، ومنطلقا لاستعادة الدور الذي من أجله كان وسيبقى منبرا للعلم والتفوق والحضارة، ولهذا نحن هنا تحت وهج حسن كامل الصباح ورمال رمال وتراث المعالفة والبساتنة واليازجيين وسواهم ممن صنعوا الفكر والعلم وأناروا الشرق والغرب لنثبت للقاصي زالداني أن لبنان لن ينحني”.

وتابع الوزير المرتضى: “في تراثنا الديني ما يعطينا دفعة جميلة لنرنو دائما الى” أرض الابداع” فقد روي عن النبي محمد( ص) أنه قال:” من تساوى يوماه فهو مغبون” ، وأنا أحسب أن أولى خطوات الإبداع أن ننتزع من أنفسنا هذا الروتين القاتل ، وأن ننتصر على دواخلنا ولا نقنع بالعيش ” عيش الحجر”.. كما يقول الشابي..
وفي حديث آخر للنبي محمد( ص):” إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.. وتلك لعمري هي اللبنة الثانية في عملية الصعود نحو النجاح ثم الابداع، فاجتياز القمم يفترض أولا أن نجتاز عقبة النفس ثم أن نشحنها بالتحفيز والتركيز”.

وقال: “وكيف لنا أن ننسى قول السيد المسيح: (تعرفون الحق والحق يحرركم) فإنه جعل المعرفة بابا للحرية. وكيف لنا أيضا أن ننسى قول القديس بولس: (تنافسوا في المواهب الفضلى) وهذا يكون بأن نعبر حواجز الخوف المصطنعة التي غالبا ما تتخطفنا في بلداننا وربوعنا. لا سيما وأننا نتنافس في مواهب غير فضلى ( إن صح وصفها بالمواهب) كالطائفية والعصبية، وحمية الجاهلية التي ضحك منها المتنبي ذات يوم وأضحك إبله فقال:
ما زلتُ أُضحكُ إبلي كلما نظرت
الى من اختضبت أخفافها بدم
أسيرها بين أصنامٍ أشاهدها
ولا أشاهد فيها عفّة الصنم”

وأردف الوزير المرتضى: “هكذا كتب علينا في بلداننا أن تنشأ معظم تجاربنا الناجحة بمبادرات فردية او بإرادات أهلية بمحلية كما يقولون.. ومع أن هذه الإرادات سدت الفجوة في معظم ما عشناه من نجاحات الا أننا عندما افتقدنا للبنان المؤسسة ولبنان الدولة القوية العادلة وعشنا كل هذا اليتم في بيئاتنا الوطنية، فكأننا أطلقنا الصيحة لكل هؤلاء المبدعين أن يرحلوا ويغادروا ويهيموا في أرض الله الواسعة”.

أضاف: “أنا بينكم اليوم لأضم صوتي الى أصواتكم، لنحاول أن نكون وطن الفاعلين لا وطن المنفعلين، ولأعبر معكم
وسط كل هذا الضجيج وهذا الخوف وهذه المعاناة نحو الطموح والعزة والكرامة التي يصنعها هؤلاء الذين عندما يكرمهم وكنهم فإنما يكرم مستقبله وغده وكل آماله بالنهوض، ولذلك فأنا لا اعتبر أننا اليوم نحتفي بهذه الثلة ضمن ديكور اعلامي او فولكلور ثقافي شكلي، بل في سياق خطوة نريدها أن تكبر وتتسع لتتحول الى خطة
نعيد من خلالها انتاج البلد في خط العلم الذي يصل به مجددا” الى النجومية العالمية.

وقال: “إنني في الوقت الذي أبارك لكم فيه كل هذا الجهد الذي يمثل حافزية عالية وخصوصا في مثل هذه الأيام العصيبة التي نعيشها، فإنني آمل أن يكون ذلك مشجعا لكل من يملك الامكانات للسير على خطاكم، كما آمل أن تسير الدولة في هذا الركب وهي الأولى به مسؤولية وتنفيذا.. خصوصا وأننا نحتاج الى سلاح كل هؤلاء المتفوقين المبدعين في هذه المرحلة بالذات التي يتعرض فيها البلد لحصار كبير وضغط من أكثر من جهة حتى يعلن خضوعه واستسلامه بعد أن كان نموذج العزة الكبرى في المنطقة”

وختم: “إننا أمام ضغط يحاول أن ينتزع منا حتى المستقبل وأن يسحب البساط لا من تحت أقدامنا بل من تحت أقدام أولادنا وأحفادنا، وليس امامنا الا الصمود وأن نربح في مرحلة العض على الأصابع وسلاحنا دائما العلم والتفوق والابداع والتمسك بمواطن قوتتا ووحدتنا والمجاهرة بالحق والسير في خط المسؤولية حتى النهاية”.

بكاسيني
وقد أطلق الأستاذ كمال بكاسيني فكرة إقامة الحفل الذي قدمته الاعلامية مارغوريتا زريق والذي يقام للسنة الثالثة على التوالي، لتكريم مبدعين حقيقيين من لبنان، ويتميز بتكريم فئات مبدعة في مهنتها من أطباء ومهندسين ومخترعين وشعراء وملحنين ورسامين واعلاميين ومراسلين وغيرهم ، لإنجازاتهم وإبداعاتهم، إيمانا بلبنان الرسالة ، لبنان ارض المبدعين.

وبعد افتتاح الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، ونشيد أرض المبدعين، شكر بكاسيني الوزير المرتضى و فريق عمل الوزارة على التعاون و التنسيق و على الرعاية متمنيا “أن يستمر هذا التعاون لأن الوطنيين والذين يحبون لبنان يدركون أن وزارة الثقافة هي الوزارة السيادية الأهم بين كل الوزارات و أن إنقاذ الوضع في لبنان مرتبط بالأساس بإعادة إحياء ثقافته اللي عرف بها دوما، أدبه، شعره ،فنّه، ثقافة عيش أهله في ضيعهم، في مدينتهم ، ثقافة الاهتمام ببيئتهم و طبيعتهم ، ثقافة التلاقي وفهم البعض البعض الآخر” .

أضاف: “نريد أن نعيد لبنان كما كان ، بلد الثقافة و العلم و الفن و الجمال ، بلد الرحابنة و جبران خليل جبران وغيرهم من المبدعين “.

كذلك شكر بكاسيني القيم البطريركي العام وسائر الحضور وقال: “كلما بدأنا في كل سنة بالتحضير لإحتفالية أرض المبدعين نفاجأ أكثر بكمية الابداع وعدد المبدعين الموجودين بكل زاوية من زوايا وطننا و هذا ما يضاعف ايماننا أكثر في أن هذا الوطن لن يموت. هذا الشعب يسكت ولكنه لا ييأس، يعاني ولكنه لا يتعب، يقاوم حتى الموت. كل شبر من أرضه دفع ثمنه دما، وزرع شهداء. أرضنا صامتة ولكن في قلبها ألف بركان، ولكل من اعتبر أن لبنان وطن لم يولد بعد، نقول له لم يخلق من يريد إنهاء لبنان”.

وتابع: ” كان هدفنا و لا زال من ال 2019 و من بداية انطلاقتنا و رغم الظروف الصعبة التي نمر فيه أن نحافظ على أمرين أساسيين: أن نستمر بتكريم مبدعين حقيقيين ليكونوا المثل و المثال لجيلنا الصاعد و أن مسيرة الانسان وحده تخوله أن يكرم و يبدع لنستبدل صور زعمائنا بصور مبدعينا في بيوتنا، وان نوجه رسالة للجميع في الداخل والخارج أن شعبا زاخر بالمبدعين الى هذا الحد هو شعب لا يموت”.

ورأى بكاسيني أنه “من المعيب ان نترك أكتريّة شوارعنا في بيروت بأسماء تخدش تاريخنا مثل شارع غورو وويغان وفوش وغيرهم وهم أشخاص احتلوا بلدنا”، داعيا الى استبدالها بأسماء مبدعين من لبنان”.

وختم بدعوة المبدعين ” لأن نضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض كي ننقذ لبنان ونحرره من المحن التي يتخبط فيها”.

وتخللت الاحتفال لوحات موسيقية وغنائية لبنانية ، بعدها توالى التكريم ، والمكرمون لسنة 2021 هم : كاريتاس وعلى رأسها رئيسها الأب ميشال عبود ، التي أبدعت كفريق متكامل خلق الفرق في خضم الازمات، الأديبة مي خليل ، كاتبة وشاعرة “يسير في موكب العظماء أدبها” , الدكتور نواف كبارة, مؤسس اتحاد المقعدين في لبنان, رئيس بلدية عين الجديدة الذي عمل على تكريس العيش المشترك, الاستاذ السيد ايلي متى ؛علي عيبيدي لانه عبرة لرجل الاعمال الطموح والناجح، الإعلامي جان نخول لحرفيته ومهنيته ومصداقيته، الصحافي والاعلامي شادي سرايا وهو محلل سياسي وكاتب، الصحافية ليال بو موسى ، الباحثة ومعدة التحقيقات الإستقصائية ، والمتميزة بالموضوعية، الإعلامية لارا نون، وهي كاتبة واعلامية وناشطة اجتماعية، ترسم للإبداع عنوان ثقافة وجمال، المخرج كاظم فياض ، لإبداعه في الاخراج، الإعلامية هيام ابو شديد الممثلة و”الأيقونة الإعلامية”، الاستاذ بركات جبور ، لموهبته الاستثنائية في العزف بالرغم من إعاقته، الدكتور انطوان جدعون ، “علم من اعلام الثقافة اللبنانية”، المصور الفوتوغرافي الياس دياب لإبداعه في مجال التصوير، المايسترو ايلي العليا لإنجازاته في مجال الموسيقى، الاستاذ جورج حران ، “تاريخ مميز في التمثيل”، الاستاذ سعد حمدان ، لتميزه في ادواره التمثيلية وغنائه، ، الستاذ المحامي شوقي ساسين، “تاريخ من الانجازات”، النقيب محمد مراد ، لانجازاته في النقابة ومسيرته، الممثلة ميراي بانوسيان، لتميزها بموهبتها الاستثنائية، والمهندس وضاح ملاعب، كونه نجم من نجوم المبتكرين اللبنانيين.

وألقى المبدعون المكرمون كلمات مقتضبة شكروا فيها صاحبي المبادرة والرعاية على هذه اللفتة المقدرة في هذا الزمن الصعب، واختتم التكريم بقطع قالب الحلوى وأقيم حفل كوكتيل للمناسبة.

You May Also Like

More From Author